دليل المغترب

قانون الهجرة الجديد في فرنسا: نعمة أم نقمة؟

صورة قانون
يقرأ في أقل من 7 دقائق

يحكى أن زعيم الفيلة أصدر قرارا بمنع كل الحيوانات الأخرى من التواجد في مملكته. هذا القرار كان مبنيا على أمر مفاده أن الحيوانات الأخرى تقاسم الفيلة في رزقها وبالتالي مواردها الغذائية بدأت تنقص. بعدما سرى القانون أصبح الفيلة وحيدين في مملكتهم وعاشوا كالملوك لفترة معينة. بعد فترة وجيزة أصيبت الفيلة بمرض جلدي غريب. هذا المرض يصيب الفيل بحكة شديدة ثم تشقق الجلد ثم موت الفيل المصاب. بدأت الأمور تتعقد مما أصاب زعيم الفيلة بحيرة وطلب من مستشاريه البحث عن الحل. بعد بحث وعناء أكتشفوا أن طير الدُرسة الأفريقية الذي كان يعيش على ظهر الفيل كان يتغذى على الفطريات التي تنمو على ظهر الفيل. غياب هذه الطيور هو سبب تكاثر هذه الفطريات وبالتالي سبب المرض الذي يصيب الفيلة. قرر زعيم الفيلة إعادة طير الدُرسة الأفريقية. بعودة هذا الطير قضى بشكل سريع على هذه الفطريات ولم يبقى له مصدر للغذاء فهو بحاجة إلى كميات كبيرة من الحيوانات. هنا تكلم زعيم الدُرسة الأفريقية مع زعيم الفيلة وقال له نحن بحاجة لغذاء أكثر. إن لم تجدوا لنا حلا سنغادر للبحث عن مكان آخر فيه غذاء أكثر. وقع زعيم الفيلة في حيرة من أمره، هل يلجأ إلى تعديل قانون الهجرة الجديد الذي أصدره منذ فترة، أم يبقيه ويعاني من الأمراض؟

بعض الأرقام عن فرنسا حاليا

الحال في فرنسا اليوم يشبه كثيرا قصة الفيلة. فعدد العاملين الأجانب في فرنسا هو 3 مليون مقابل 23 مليون فرنسي. كما تشير التوقعات إلى 500 ألف شخص غير شرعي على الأقل في فرنسا. في بعض القطاعات يصل نسبة الأجانب إلى 25 ٪ . فمثلا قطاع المطاعم والفنادق الذي يعاني مسبقا من نقص في العمالة يحتوي على 18٪ من العمالة الأجنبية. ذلك يعود لعزوف الفرنسيين عن العمل في هذا المجال لصعوبة ظروف العمل وساعاته المتباينة. لذلك تجد فرنسا نفسها بين فكي كماشة: بين اليمين المتطرف الكاره للأجانب ويفكر أن الحل في استبعادهم وبين اليسار الذي يدرك مدى حاجة الدولة لهم ولكن لايمكنه تغطية تبيعات هذا القرار اقتصاديا. في الحقيقة نسبة البطالة بين الاجانب قد تصل إلى 15٪ مقارنة مع 7,5٪ عند الفرنسيين.

إذا الحل هو بتبني قانون جديد، لكن الحكومة الحالية ليس لديه الأغلبية الساحقة وتحتاج لتحالفات لتمرير قانون الهجرة الجديد. هذه التجاذبات ألقت بظلالها على تعديل القانون وقد يؤدي هذا التبني إلى انقسامات داخل الحكومة نفسها خصوصا بعد تهديدات من قبل وزراء ينحدرون من أصول أجنبية بتقديم استقالتهم.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا القانون يرقى إلى ما ينشده المهاجرون؟ الجواب قطعا لا ولكن ماهي التبيعات الحقيقية لهذا القانون؟

قبل أن نناقش القانون علينا أن نعرض لكم الجوانب الرئيسية في هذا القانون.

جوانب القانون الرئيسية

ينقسم قانون الهجرة الجديد إلى 8 فقرات رئيسية تخص كل واحدة فيها شريحة مختلفة من المهاجرين.

تسوية أوضاع الأشخاص بدون أوراق

سيتم تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين؛ بدون أوراق الذين يعملون في مهن صعبة. بشرط إثبات 12 شهر عمل بشكل متقطع أو مستمر خلال آخر 24 شهرا وأن يقيم في فرنسا منذ 3 سنوات. العامل يستطيع أن يتقدم بطلب الإقامة دون الحاجة لصاحب العمل. يكفي فقط أن يقدم الثبوتيات اللازمة. سيحصل على كرت إقامة كعامل مؤقت أو عامل. بكل الأحول، المحافظون لديهم اليد العليا في منح أو منع الإقامة خاصة لمن لديهم سوابق جنائية وإن حققوا الشروط الأخرى. كما يمكنها منح طالبي اللجوء في الدول المنكوبة الحق في العمل مباشرة وبالتالي الحصول على كرت إقامة لاجئ بسرعة أكبر في حال إيجاد عمل في المهن الصعبة.

للعاملين في المجال الطبي وللرد على النقص الحاد في المشافي الفرنسية سيتم استصدار إقامات جديدة. يسمى كرت إقامة متعدد السنوات للمواهب في المجالات الطبية والذين يحملون شهادات من خارج الاتحاد الأوربي (PADHUE).

التجنيس والاندماج والإقامة

الجنسية

سيتم سحب الجنسية من المواطنين الفرنسيين الذين يحملون جنسية أخرى في حال ارتكابهم جريمة القتل العمد ضد أفراد الشرطة أو الأمن.

بالنسبة للأطفال المولودين على أرض فرنسية من آباء أجانب كان بإمكانهم الحصول على الجنسية بشكل أتوماتيكي عند بلوغهم سن 18 . لكن الآن تم إلغاء هذا الإجراء وعلى الأطفال تقديم طلب بين سن 16 و سن 18. كما أن أي تجريم سابق بحق طالب التجنس سيجعل الحصول على الجنسية مستحيل.

الاندماج

الأجانب الذين يطلبون لأول مرة كرت إقامة متعدد السنوات يجب عليهم الحصول على مستوى لغوي A2. أما بالنسبة للحصول على كرت إقامة 10 سنوات للتقدم للجنسية يحتاج مستوى لغوي B1 et B2.

بالنسبة للشركات التي تستجلب عمالة من خارج الاتحاد الأوربي شروط اللغة أصبحت أكثر تعقيدا.

كما على الأجانب التوقيع على عقد جديد يحترم فيها مبادئ الجمهورية وحرية التعبير.

الإقامة

الأجانب الضحايا المستغلين في تجارة البغاء أو الدعارة ويقدمون شكوى يمكنهم الحصول على كرت إقامة خلال مسار الدعوة القضائية. كما سيتم سحب أو رفض إعطاء إقامات أو تمديدها للأشخاص المتهمين بتزوير مستندات أو التعرض لموظفين حكوميين. كما يجب على حاملي الإقامات البقاء مدة لاتقل عن ست شهور في فرنسا لتمديد إقامتهم.

لمنع بعض طالبي الإقامة من تقديم عدة طلبات في محافظات مختلفة سيتم تجريب منظومة جديدة في 5 إلى 10 محافظات أو مايسمى التحقيق ب 360 درجة.

لم الشمل العائلي

تمت الموافقة على تعقيد شروط لم الشمل وتمديد المدة لتقديم طلب لم الشمل إلى 24 شهرا. أي على طالب لم الشمل أن يقضي 24 شهرا على الأراضي الفرنسية حتى يستطيع البدء بإجراء لم الشمل. كانت المدة سابقا 18 شهرا. كما أن عمر المتقدم للم الشمل يجب أن يكون أكبر من 21 سنة. سابقا كان أكبر من 18 سنة.

المساعدات الاجتماعية المالية

ربطت المساعدات الاجتماعية من قبيل المساعدة العائلية أو مساعدة السكن أو مساعدة الاستقلالية بشرط العمل. على سبيل المثال، الأجانب الذين لايعملون مثل الأجنبي المريض أو المرافق، إلخ ينتظر لمدة 5 سنوات على الأقل حتى يحق له الاستفادة من هذه المساعدات. أما إن كان يعمل تخفض المدة للنصف أي 30 شهرا. العاملون والطلاب يمكنهم الاستفادة أيضا من مساعدة السكن بعد 3 شهور فقط.

هذه الشروط لاتنطبق على اللاجئ ولا على عديمي الجنسية ولا على من يحمل كرت إقامة 10 سنوات ولا على مساعدات الطفل المعاق أو البالغ.

الطلاب

على الطلاب الذين يحملون كرت إقامة طالب دفع مبلغ مالي كضمان عودة. عندما تنتهي إقامة الطالب ويثبت أنه سيعود إلى وطنه سيتم إرجاع هذا المبلغ له. طبعا من الصعب على حامل إقامة طالب أن يحصل على إقامة عامل إن لم يجد عمل في نفس اختصاص دراسته في الجامعة.

الصحة

تقليل عدد الإقامات الممنوحة للأجانب بهدف العلاج في فرنسا. يستثنى من ذلك من يود القدوم للعلاج على نفقته الخاصة ولايحتاج لمساعدة التأمين الصحي الفرنسي. طبعا للحصول على إقامة “أجنبي مريض” يجب أن يثبت أن بلده لايمتلك الإمكانيات المناسبة لمثل مرضه.

اللاجئون

لم يمس قانون الهجرة الجديد أو يتكلم عن معايير لقبول اللاجئين لأن هذا محكوم بقرارات دولية. ولكن تبيعات القانون بتقليل عدد المجنسين في فرنسا سيلقي بظلاله على اللاجئين أيضا. كم تم السماح بوضع اللاجئين الذي يمكنون أن يشكلون خطرا على فرنسا في احتجاز احترازي إداري.

الإقصاء

تم استحداث عقوبة الجنحة لإقامة غير شرعية بسبب انتهاء الفيزا أو الإقامة بدون كرت إقامة. يعاقب الشخص عليها بغرامة مالية 3750 يورو ومنع لمدة ثلاث سنوات من دخول الأراضي الفرنسية.

القانون الجديد سهل عملية إقصاء أو استبعاد الأجانب المقيمين بشكل غير شرعي في فرنسا. كذلك يمكن استبعاد اجانب لديهم إقامات في فرنسا منذ وقت طويل بسبب أعمال العنف أو الجرائم المرتكبة.

كما يلغي القانون الاستثناء الذي كان موجودا سابقا بحق الأشخاص الذين وصلوا إلى فرنسا قبل عمر 13 سنة أو أنهم أزواج لفرنسيين. إذا يمكن الآن استبعادهم وفق القانون الجديد في حال ارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون.

الشخص المستبعد لم يعد بإمكانها الاستفادة من مساعدات مالية قضائية أو إسكانه في مراكز إيواء طارئة.

يسمح القانون أيضا بعمل ملفات جنائية للأجانب القُصر بدون رعاية أبوية و مرتكبي الجرائم. كما يعطي الحق للسلطات الفرنسية بأخذ بصمات الأجانب بدون أوراق دون الحاجة لموافقتهم. أيضا يمكن مراقبة السيارات الخاصة في المناطق الحدودية وتفتيشها للحد من أعمال تهريب البشر.

في الختام، قانون الهجرة الجديد يحتاج إلى كثير من الشرح والتعليق وهذا يأخذ وقتا كبيرا. كما أن تفسيره يختلف من محافظة لأخرى ومن حزب إلى آخر وهناك كثير من المحافظات اليسارية التي أعلنت عن مساعدات إضافية بهدف التغطية على النقص الذي سيحصل نتيجة القانون. لكن في المحافظات المدارة من قبل اليمينين ستتشدد بالإجراءات. على كل هناك 29 قانونا للهجرة تم التصويت عليها منذ 2000 وكلها باءت بالفشل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.