دليل المغترب

إجراءات أكثر مرونة لمساعدة السيدات المعنفات

عنف
يقرأ في أقل من 3 دقائق

عندما كنت أتعلم الفرنسية في جامعة حلب 2007 قبل مجيء إلى فرنسا طلب منا الأساتذة كتابة بحث من اختيارنا. بسبب ما تتعرض له المرأة في مجتمعنا العربي من ظلم وقهر، قررت كتابة موضوع عن العنف ضد المرأة. طبعا الحال تغير نوعا ما في هذه الأيام وأنقلبت الآية في بعض الحالات وأصبح الرجل الضحية. لكن هذه الحالات قليلة مقارنة بما تتعرض له المرأة. المفاجأة الكبرى ظهرت عندما كنت أكتب على جوجل “العنف ضد المرأة في سوريا”. طبعا حاولت الكتابة باللغة العربية واللغة الفرنسية حتى أجد بعض الإحصائيات. الطامة الكبرى كانت أن جوجل كان يظهر لي فقط العنف ضد المرأة في فرنسا.فيي الحقيقة، حكوماتنا لاتريد أن تسمع عن إحصاءات فهذا يسلط الضوء أكثر على فشلها. لذلك لن تجد أي شيء في جوجل عن المجتمعات العربية. لكن المضحك أن ترى دولة مثل فرنسا فيها العنف ضد المرأة غير مسبوق والأرقام مخيفة. ففي إحصائيات 2022 هناك 240000 شكوى سجلت في مخافر الشرطة عن نساء تعرضت للعنف الزوجي بزيادة 15% عن السنة الماضية. لذلك تحاول الدولة أن تتخذ إجراءات أكثر مرونة لمساعدة السيدات المعنفات

في أغلب الحالات التي تتعرض فيها المرأة للعنف هي عندما يكون الزوج مسؤول بشكل كامل عن مصروف المنزل. في هذه الحالة المرأة ليس لديها دخل وتضطر للبقاء في المنزل رغم تعرضها للعنف. إذا ماهي الحلول الناجعة التي يمكن للدولة اتخاذها لحل المشكلة وحماية المرأة من هذا العنف؟

الإجراءات الموجودة حاليا

سأذكر هنا حالة حقيقية لتقريب الموضوع أكثر. تعرضت زوجة للخيانة الزوجية وعندما تعاتب زوجها يعنفها فأرادت أن تنفصل عنه.لا تريد أن تجلس معه تحت سقف واحد وهي محقة. لكن الدولة لاتستطيع أن تجبره على المغادرة وخاصة أن عقد الإيجار باسمه والتعنيف غير مثبت. هنا راجعت مساعدة اجتماعية لمساعدتها على المضي بالإجراءات. فقامت المساعدة بعمل ملف منفصل لها ولأولادها في الكاف حتى تحصل هي على المساعدات. هذا الإجراء مهم للحصول على دخل حتى وإن كان في حده الأدنى. ثم طلبت منها رفع دعوة طلاق أمام المحكمة. هذه الإجراءات للأسف تأخذ شهورا وقد تصل لسنة أو حتى سنتين إن كان هناك عدم توافق بين الزوجين على الطلاق. فقط عملية طلب المساعدة القضائية يحتاج من شهرين إلى ثلاثة شهور.

طبعا هناك جمعيات كثيرة يمكن أن تساعد في إيجاد سكن ملائم للأم وأطفالها ولكن هذا يحتاج وقت ويجب أن يكون التعنيف متكرر وقوي. بسبب كل هذه التعقيدات والوقت الذي تأخذه حاولت الدولة إيجاد إجراءات أكثر مرونة لمساعدة السيدات المعنفات.

الإجراءات المتوقعة مع بداية ديسمبر 2023

نتيجة إزدياد نسب العنف ضد المرأة في فرنسا وجدت الدولة أنه من الضروري مواجهة المشكلة بسرعة أكبر. ففي كل ثلاثة أيام تموت امرأة نتيجة العنف الزوجي. فوضعت الدولة مساعدة طارئة للزوجات اللتين تريدن مغادرة بيت الزوجية حفاظا على حياتها. تطلب هذه المساعدة من الكاف CAF مباشرة أو عن طريق حسابها على الانترنت. طبعا يجب عليها أولا فصل حسابها في الكاف عن حساب زوجها حتى لاتنزل المساعدة باسمه. طبعا هذه المساعدة ستسمح للمرأة بمغادرة المنزل والسكن بشكل مؤقت في فندق ومساعدتها على شراء حاجياتها الضرورية.

قيمة المساعدة هي على الأقل 600 يورو وحسب عدد الأطفال الذين يرافقون المرأة يمكن أن ترتفع المساعدة. يتم تحويل المساعدة للمرأة خلال مدة أقصاها أسبوع. طبعا هناك أيضا مرافقة فورية من قبل مساعدة اجتماعية متعاونة مع الكاف.

في الختام نتمنى أن تعيشوا في حياة مطمئنة رجالا ونساء وأن لا تتعرضوا لأي مضايقات في حياتكم. لكن كان الحكماء قديما يقولون: الاختلافات بين الزوجين هي ملح العلاقة الزوجية. فهل تتخيل الطعام بلا ملح. لكن الحكيم من يضع الأمور في مقامها ولا يجعل من الحبة قبة كما يقول المثل.